الناس في بلدى

الناس فى بلادى جارحون كالصقور

غناؤهم كرجفة الشتاء ، فى ذؤابة الشجر

و ضحكهم يئز كاللهيب فى الحطب

خطاهمو تريد ان تسوخ فى التراب

و يقتلون ، يسرقون ، يشربون ، يجشئون

لكنهم بشر

و طيبون حين يملكون قبضتى نقود

و مؤمنون بالقدر

Saturday, September 10, 2011

تصحيح المسار


هذه التدوينة هى محاولتى الخاصة لفهم كيف وصلنا لما حدث بالامس ، اذا كنت لا ترى ما حدث بالامس كمحنة تمر بها مصر ، اذا كنت ترى ان اقتحام السفارة الاسرائيبلية بالامس كان عملا بطوليا ، و ان ما جرى امام وزارة الداخلية بالامس ليس مشهدا من مشاهد الانهيار الاخلاقى التى تطفو على سطح مصر نتيجة للفوران المجتمعى الذى نعيشه ، فأنت محظوظ ، الاكيد انك ليس على حافة الاصابة بالانهيار العصبى او الاكتئاب مما يحدث مثلى .

حتى الأمس كنت مترددة جدا فى كتابة اى شئ  فالمشهد فى مصر هذه الأيام كان يبدو  غريب ، و غير واضح .. و ربما لهذا السبب بالذات لم أعد أريد الكتابة ، ففى كثير من الأحوال يبدو تبين الحقيقة  صعب المنال.



و ما زلت اجد من الظلم تحميل الرئيس السابق كل ما حدث فى مصر فى الأعوام الأخيرة ، تتحمل ثورة يوليوالكثير و ادخل خروج المصريين للعمل فى الخارج الكثير من المشاكل المجتمعية  الى مصر ، و كل هذا ليس مجال مناقشته الآن  .. و لكن لعل اخطر  خطايا ثورة يوليو و التى يريد الناس تكرارها ثانية هو تجنيب فئات كثيرة من المجتمع بدعوى انهم ليسوا من أهل الثقة و مع الأسف مع بدابات الثورة بدا انها تريد مواصلة هذا الاتجاة و بدأ الحديث عن القوائم السوداء و عن قانون الغدر و عن أهل الثقة لا أهل الخبرة ،و هنا تكمن مأساة الثورة فقد تكالب معظم الاعلاميين و ممارسى العمل العام لاثبات انهم من أهل الثقة ، و كان اسهل الطرق لاثبات هذا هو الهجوم بالحق و الباطل على الرئيس السابق و اسرته و الاخطر من ذلك على الجيش و على المجلس العسكرى و بالطبع على وزارة الداخلية  .

 و بدأت أتعجب من مواقف الكثير من الناس الذين كنت احترمهم و  أجلهم   .....
ما معنى ان تخرج االناشطة  ( هذه هو اللقب الرسمى  الذىيسمح لك الآن من ان تقول ما تريد ثم تحتمى بالصحافة )
أسماء محفوظ لتكتب على التويتر أن المجلس العسكرى هو مجلس كلاب ثم يتبارى الاعلاميون فى الدفاع عن حرية الرأى مع أن ما قالته ليس رأيا لكنه سب و قذف يدخل تحت طائلة قانون العقوبات

هل يرضى مرشح الرئاسة (د. حازم صلاح ابو اسماعيل ) ،و الذى ظهر فى اكثر من برنامج يدافع عنها ان تسبه بهذ ا ثم يقال ان هذه حرية رأى !!!!!!
ألم يسمع يوما ( بما ان ميزته الرئيسية هى المرجعية الاسلامية ) بالحديث الشريف
 " ليس منا من لم يرحم صغيرنا و يوقر كبيرنا "

و ليس (د. حازم صلاح ابو اسماعيل ) وحده ، فقد تسابق جميع المرشحين ، و منهم من كنت احترمه كثيرا قبل هذه الأيام و منهم مرشحى الخاص ( د. عبد المنعم ابو الفتوح  الذى فوجئت بمشاركته بالامس رغم كم التحريض الذى نشر على النت ضد الجيش و الشرطة  ) على التبارى فى الدفاع عن حرية الرأى بدون اى تمييز للفارق الواضح بين حرية الرأى و قلة الأدب و الفوضى و البلطجة الذين لا يصلح لهم فعلا الا المحاكمات العسكرية .

الم ينهانا الرسول عن صديق السوء لأنه مثل نافخ الكير ، فماذا عن التظاهر مع من يريدون نشر الفوضى فى البلد !!!

أما الكارثة فهم ان يصل الدفاع الاعمى عن حرية الرأى الى الدفاع عن مايكل نبيل سند  باشا ، وهو يقدم نفسه على انه ملحد و معجب باسرائيل و يقر برفضه لاداء الخدمة العسكرية و احتقاره للجيش المصرى و يصل الامر بالاخت المفترض انها اعلامية لميس الحديدى بأن تكتب فى احد الصحف ، لماذا لا تدافعون عنه بنفس الحماس الذى دافعنا به عن اسماء محفوظ و لؤى نجاتى ، ثم تتسائل الأنه مسيحى ( طبعا لم تقرأ مدونته لتعرف انه ملحد ) ، كل هذا بالطبع لأنها حسنة النية و لا تريد المشاركة فى استثارة  المسيحيين أكثر مما هم مستثارين فعلا .

و لأن  الاعلاميين و غيرهم قد تأكدوا ان انجح الطرق لاثبات انهم من اهل الثقة هو الهجوم على الداخلية و رجالها و سبهم فحين حدثت مهزلة مبارة الأهلى و كيما تبارى الجميع فى اثبات خطأ الأمن المركزى ، مع ان الحق كان واضحا و خطأ الالتراس كان يجب الا يمر بدون عقاب  ، و ظهر الكثيرون على الشاشات يتباكون على اولادهم من الشباب الصغير الذى ذهب لمشاهدة المبارة فتعرض للعنف المفرط ( مع اننا رأينا الشرطة الانجليزية و هى تقوم باستخدام العصى و الغاز وتسييب الكلاب على من قاموا بالشغب ومفروض نكون عرفنا ان هذه هى طريقة التعامل مع الشغب  و أن الشغب مختلف عن التظاهر السلمى )
-          كان احد المتصلين فى برنامج ما يكاد يبكى لأنه يشعر ان من تعرضوا للضرب مثل اولاده و انا كنت اريد ان اسأله اذا كان الشاب الصغير الذي رمى بالبول على عساكر الأمن المركزي مثل اولادك فهل عساكر الأمن المركزى ليس لهم اهل ؟؟؟  -
 هل تحولنا جميعا الى امن دولة و تحول رجال الشرطة الى ضحايا ؟؟؟ 

اذا اختفوا فهم متقاعسين ، و اذا ظهروا فهم لا يتغيرون و يستعملون القوة المفرطة ،
 اذا دافعوا عن الاقسام فهم قتلة ، و اذا تركوها فهم خونة !!

و كان واضحا لى ان المستفيد من هذا الشغب هو من دعوا الى مظاهرات 9-9 ، و كانوا يخشون الا يذهب الناس بالاعداد الكبيرة التى يريدونها لاثبات تفوقهم على الاسلاميين الذين قاطعوا هذه الجمعة و بالطبع تحقق لهم ما ارادوا فهاج الناس على الشرطة وعلى الجيش بالمرة و بدأت المواقع المشبوهة مثل موقع عمرو عفيفى فى الحديث عن الاشتباكات المتوقعة مع الامن و الجيش ، و عن تمرد الضباط فى الجيش ، حتى وصل التحريض الى مطالبة نوارة نجم  بحل وزارة الداخلية  ( على اساس ان كلنا هنسيب شغلنا و نعمل لجان شعبية طبعا أو هنرجع لعصر نجيب محفوظ و كل منطقة يبقى لها الفتوى بتاعها ) ، والى اصدار الاخ العقيد عمر عفيفى تعليماته على موقعه برمى الضباط بماء النار و القائهم فى النيل .

مع ملاحظة  ان نفس من دعوا الى جمعة 9-9 ، هم من يشجعون المظاهرات بشكل مستمر ، يقطع نفس اى حكومة ، و بشكل يجعل من المستحيل الالتفات الى تحسين الأوضاع فى البلد ، أو عمل الانتخابات فى موعدها ، و هو ما يريدونه لأنهم يعتقدون ان انعقاد الانتخابات فى موعدها سيؤدى الى وصول التيارات الاسلامية للحكم ، و يجعل مهمة الحكومة الوحيدة هو اللهاث قبل كل جمعة لارضاء ميدان التحرير ايا كان رأى باقى الشعب ( وهذا لا يمت للديمقراطية بصلة على فكرة ) .

ربما كان ما فعله رجال الداخلية و الجيش من الاختفاء بالامس عملا صائبا حتى لا يتم جرهم الى مواجهات تسيل فيها دماء الشباب المتحمس الذى يتم توجيهه من وراء الستار، و ان كنت ارى ان الاختفاء كان يجب ان ينتهى فور الهجوم على وزارة الداخلية و على مديرية امن الجيزة، لأن من دبر لهذا يسعى لتدمير رموز الدولة المصرية اما من نفذ ففى الغالب من الشباب المتحمس صغير السن ( أو ربما كان لصا يريد سرقة النحاس و بيعه)
و ربما كان من صعدوا لانزال العلم الاسرائيلى من الشباب المتحمس ايضا ، و ربما كان جل ما ارادوه هو شقة مثل الشقة التى اهداها محافظ الشرقية الى احمد الشحات .

و لكن المؤكد ان من بالوا على جدار وزارة الداخلية و من حرقوا سيارات الأمن المركزى فى الجيزة يجب ان يعاقبوا

ربما كانوا من ضحايا انتشار البطالة و الجهل و هما من خطايا النظام السابق ، لكنهم يجب ان يعاقبوا ..

اما الشباب الذين يصرون على التظاهر كل جمعة مهما حدث فالحقيقة اننى لا افهمهم ، ما معنى ان اقرأ على النت كل هذا الكلام و التحريض على العنف ثم اقنع نفسى ان ماليش دعوة و انها سلمية سلمية ، و انه يمكننى التحكم بالمليون انسان الذين سازج بهم فى الشارع ، اى منطق هذا ؟؟؟؟

يجب ان تعود للقانون هيبته فى مصر بأى ثمن .

و الاعلاميين الذين يظنون ان مهاجمة الداخلية هى طريقهم للحاق بقطار الثورة يجب ان يراجعوا انفسهم قبل ان يغرق المركب بنا و بهم .

الذين يتظاهرون من اجل تحسين الدخول يجب ان يسألوا انفسهم من الذي سيدفع فاتورة الشغب الذى حدث بالامس ، من الذي سيدفع ثمن الدهان للجدران التى ملأتها الشتائم و ثمن العربات التى احترقت .

الذين يتظاهرون من أجل الكرامة يجب ان يسألوا انفسهم من الذى ربما اضطر للاعتذار لاسرائيل عما حدث بالأمس .

الفارق بين النكسة فى 67 و النصر فى اكتوبر اننا تورطنا فى الحرب فى 67 ، و اخترنا التوقيت فى 73 ، فاذا كنا نريد حرب  اسرائيل فلماذا لا ننتظر حتى نكون مستعدين !!!

و الاخوة المعجبون بتركيا يتجاهلون ان هذا ما فعلته فقد انتظرت عاما كاملا حتى انتهت التحقيقات القانونية و استمرت فى التعاون مع اسرائيس عسكريا خلال هذه السنة   - الحرب خدعة -

اما اللى صعبان عليهم التظاهر كل جمعة فى التحرير فانا اريد ان اعلم لماذا غضبوا من الفريق احمد شفيق حين اخبرهم انه يمكنه عمل جنينة لهم مثل هايدبارك ليتظاهروا فيها براحتهم كل يوم جمعة ، فيبدو انهم ادمنوا التظاهر سواء كان هناك داعى ام لا ، وممكن من عندى عربيتين امن مركزى يحرقوها  كل اسبوع  ... 

حرام ان نجر بلدنا بايدنا الى الفوضى و ندعى ان مالناش دعوة و انها سلمية سلمية ...



Thursday, October 28, 2010

من كتاب فلسفة الثورة للزعيم : جمال عبد الناصر - 2


 ثورة الجيش  -  يوليو1952

 


" و أكثر من هذا ، لم يكن الأصدقاء هم الذين تحدثوا معى عن مستقبل وطننا فى فلسطين ، و لم تكن التجارب هى التى قرعت أفكارنا بالنذر و الاحتمالات عن مصيره ، بل أن الأعداء أيضا لعبوا دورهم فى تذكيرنا بالوطن و مشاكله  ...

و منذ أشهر قليله قرأت مقالات كتبها عنى ضابط اسرائيلى اسمه "  يردهان كوهين  " و نشرتها له جريدة "   جويشن أوبزرفر   " ، و فى هذه المقالات روى الضابط اليهودى كيف التقى بى أثناء مباحثات و اتصالات عن الهدنة، و قال :  " لقد كان الموضوع الذى يطرقه جمال عبد الناصر معى دائما ، هو كفاح اسرائيل ضد الانجليز ، و كيف نظمنا حركة مقاومتنا السرية لهم فى فلسطين ، و كيق استطعنا أن نجند الرأى العام فى العالم وراءنا فى كفاحنا ضدهم "

ثم ان هذا اليوم  - اليوم الذى اكتشقت بذور الثورة فى نفسى – أبعد من حادث 4 فبراير سنة 1942 الذى كتبت بعده خطابا الى صديق قلت له فيه : 
"  ما العمل بعد أن وقعت الواقعة  و قبلناها مستسلمين خاضعين ؟؟
" الحقيقة أننى أعتقد أن الاستعمار يلعب بورقة  واحدة فى يده بقصد التهديد فقط و لكن لو أنه أحس أن بعض المصريين ينوون التضحية بدمائهم و يقابلون القوة بالقوة  لانسحب كأى امرأة من العاهرات ......
و طبع هذه حاله ، أو تلك عادته ...

اما نحن ، اما الجيش ، فقد كان لهذا الحادث تأثير جديد على الروح و الاحساس فيه ، فبعد ان كنت ترى الضباط لا يتكلمون الاعن الفساد و اللهو ، أصبحوا يتكلمون عن التضحية و الاستعداد لبذل النفوس فى سبيل الكرامة ، و أصبحت تراهم و كلهم ندم لأنهم لم يتدخلوا – مع ضعفهم الظاهر – و يردوا للبلد كرامتها ، و يغسلوها بالدماء ، و لكن " ان غدا لناظره قريب " ......
لقد حاول البعض بعد الحادث  أن يعملوا شيئا بغية الانتقام ، و لكن الوقت كان قد فات ، اما  القلوب فكلها نار و أسى ....

و الواقع أن هذه الحركة  ....... أن هذه الطعنة ، ردت الروح الى بعض الأجساد ، و عرفتهم أن هناك كرامة يجب أن يستعدوا للدفاع عنها ، و كان هذا درسا قاسيا ...
و كذلك فان هذا اليوم أبعد فى حياتى من الفوران الذى عشت فيه أيام كنت طالبا أمشى مع المظاهرات الهاتفة بعودة دستور سنة 1923 – و قد عاد الدستور بالفعل -  فى سنة 1935 ...

و أيام كنت أسعى مع وفود الطلبة ، الى بيوت الزعماء نطلب منهم أن يتحدوا من أجل مصر ، و تألفت الجبهة الوطنية سنة 1936 بالفعل على أثر هذه الجهود .

و أذكر اننى فى فترة الفوران هذه كتبت خطابا الى صديق من أصدقائي ، قلت فيه ، و كان تاريخه  2 سبتمبر سنة 1935 :
"
أخى ...
" خاطبت والدك يوم 30 أغسطس فى التليفون ، و قد سألته عنك فأخبرنى انك موجود فى المدرسة ........"
لذلك عولت على أن أكتب اليك ما كنت سأكلمك فيه تليفونيا ...
قال الله تعال : (   و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة .......  )
فأين تلك القوة التى نستعد بها لهم ؟؟؟؟ "
ان الموقف اليوم دقيق  ، و  مصر فى موقف  أدق ...... و نحن نكاد نودع الحياة ، و نصافح الموت ، فان بناء اليأس عظيم الأركان ، فأين من يهدم هذا البناء       ..................؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟)

Friday, October 8, 2010

" من كتاب فاسفة الثورة للزعيم جمال عبد الناصر" 1-

ثورة الجيش
يوليو سنة 1952







محاولات ثورية سابقة

لست أريد أن أدعى لنفسى مقعد أستاذ التاريخ....
ذاك آخر ما يجرى به خيالى...
و مع ذلك فلو حاولت محاولة تلميذمبتدىء , فى دراسة قصة كفاح شعبنا ,فانى سوف أقول مثلا ان ثورة 23 يوليه هى تحقيق للأمل الذى راود شعب مصر , منذ بدأ فى العصر الحديث يفكر فى أن يكون حكمة بأيدى أبنائه , و فى أن تكون له نفس الكلمة العليا فى مصيره :

لقد قام بمحاولة لم تحقق له الأمل الذىتمناه , يوم تزعم السيد عمر مكرم حركة تنصيب محمد على وليا على مصر , باسم شعبها

و قام بمحاولة لم تحقق له الأمل الذى تمناه , يوم حاول عرابى أن يطالب بالدستور..

و قام بمحاولات متعددة, لم تحقق له الأمل الذى تمناه , فى فترة الغليان الفكرى التى عاشها بين الثورة العرابية و ثورة1919 سنة

وكانت هذه الثورة الأخيرة(ثورة 1919 بزعامة سعد زغلول)محاولة اخرى لم تحقق له الأمل الذى تمناه.

أسباب مباشرة لا دوافع حقيقية .....

و ليس صحيحا أن ثورة 23 يوليو قامت بسبب نتائج التى أسفرت عنها حرب فلسطين....
و ليس صحيحا كذلك أنها قامت بسبب الاسلحة الفاسدة التى راح ضحيتها جنود وضباط....
و أبعد من ذلك عن الصحة ما يقال من ان السبب كان ازمة انتخبات نادى ضباط الجيش
انما الامر فى رأيىكان ابعد من هذا و اعمق أغوارا.
و لو كان ضباط الجيش حاولوا أن يثوروا لانفسهم لانه قد غرر بهم فى فلسطين , او لان فضيحةالاسلحة الفاسدة أرهقت أعصابهم , او لان اعتداء وقع على كرامتهم فى انتخابات نادى ضباط الجيش , لما كان الامر يستحق ان يكون ثورة و لكان اقرب الاشياء الى وصفه بانه مجرد تمرد , حتى و ان كانت الاسباب التى ادت اليه منصفة عادلة فى حد ذاتها ....
لقد كانت هذه كلها أسبابا عارضة........
و ربما كان اكبر تاثيرلها انها كانت تستحثنا على الاسراع فى طريق الثورة و لكننا من غيرها نسير على هذا الطريق.

بذور الثورة

و أنا أحاول اليوم , بعد كل ما مر بى من أحداث , و بعد سنوات طويلة من بدء التفكير فى الثورة , ان اعود بذاكرتى و اتعقب اليوم الاول الذى اكتشفت فيه بذورها فى نفسى .

ان هذا اليوم أبعد فى حياتى من أيام شهر نوفمبر 1951 ، أيام ابتداء أزمة نادى الضباط ، ففى ذلك الوقت كان تنظيم الضباط الأحرار قائما يباشر عمله و نشاطه ،بل انا لا أغالى اذا قلت ان أزمة نادى الضباط أثارها – أكثر من أى شيء آخر – نشاط الضباط الأحرار ، فقد شئنا فى ذلك الوقت أن ندخل معركة نجرب فيها قوتنا على التكتل و التنظيم .

و هذا اليوم – فى حياتى أيضا – أبعد من فضيحة الأسلحة الفاسدة ، فقد كان تنظيم الضباط الأحرار موجودا قبلها ، و كانت منشوراتهم أول نذير بتلك الماساة ، وكان نشاطهم وراء تلك الضجة التى قامت حول الأسلحة الفاسدة.

بل أن هذا اليوم فى حياتى أبعد من يوم 16 مايو 1948 ذلك اليوم الذى كان بداية حياتى فى حرب فلسطين.


ذكريات من فلسطين

و حين أحاول الآن أن أستعرض تاريخ تجاربنا فى فلسطين ، أجد شيئا غريبا ، فقد كنا نحارب فى فلسطين ، و لكن أحلامنا كانت كلها فى مصر .

كان رصاصنا يتجه الى العدو الرابض أمامنا فى خنادقه ، و لكن قلوبنا كانت تحوم حول وطننا البعيد الذى تركناه للذئاب ترعاه ..

و فى فلسطين كانت خلايا الضباط الأحرار تدرس و تبحث و تجتمع فى الخنادق و المراكز .
فى فلسطين جائنى صلاح سالم و زكريا محى الدين ، و اخترقا الحصار الى الفالوجة ، و جلسنا فى الحصار لا نعرف له نتيجة و لا نهاية ، و كان حديثنا الشاغل وطننا الذى يتعين علينا أن نحاول انقاذه ....

وفى فلسطين جلس بجوارى مرة كمال الدين حسين و قال لى وهو ساهم الفكر و شارد النظرات : هل تعلم ماذا قال لى أحمد عبد العزيز قبل أن يموت ؟
قلت : ماذا قال ؟
قال كمال الدين حسين – وفى صونه نبرة عميقة و فى عينيه نظرة أعمق : لقد قال لى : اسمع يا كمال ، ان ميدان الجهاد الأكبر هو فى مصر ....


بذور الثورة تنمو

و لم ألتق فى فلسطين بالأصدقاء الذين شاركونى فى العمل من أجل مصر ، و انما ألتقيت أيضا بالأفكار التى أنارت أمامى السبيل .

و أنا أذكر أيام كنت أجلس فى الخنادق و أسرح بذهنى الى مشاكلنا ..

كانت الفالوجة محاصرة ، و كان تركيز العدو عليها ضربا بالمدافع و الطيران تركيزا هائلا مروعا .

و كثيرا ما قلت لنفسي : ها نحن أولاء فى هذه الجحور محاصرين ، لقد غرر بنا ، دفعنا الى معركة لم نعد لها ، لقد لعبت بأقدارنا مطامع و مؤمرات و شهوات ، و تركنا هنا تحت النيران بغير سلاح .

و حين كنت أصل الى هذا الحد من تفكيرى ، كنت أجد خواطرى تقفز فجأة عبر ميادين القتال ، و عبر الحدود الى مصر ، و أقول لنفسي :
 هذا هو وطننا هناك ، انه فالوجة أخرى على نطاق كبير .... ان الذى يحدث لنا هنا صورة من الذى يحدث هناك ... صورة مصغرة ... وطننا هو الآخر حاصرته المشاكل و الاعداء و غرر به .... 
و دفع الى معركة لم يعد لها ، و لعبت بأقداره مطامع و مؤامرات و شهوات ، و ترك هناك تحت النيران بغير سلاح !!!!!!!!

Friday, April 30, 2010

جامع أحمد بن طولون


يقع جامع أحمد بن طولون في ميدان أحمد بن طولون بحي السيدة زينب، وهو ثالث مساجد مصر الإسلامية، و أقدم جامع احتفظ بتخطيطه وكثير من تفاصيله المعمارية الأصلية ، حيث كان أول مساجد مصر جامع عمرو بن العاص و الذي بنى في الفسطاط عام 21 هـ ( 642م) و لكنه شهد تغيرات عديدة على مر العصور، أما ثاني مساجد مصر (العسكر) والذي بُني عام 169 هجريا (785/ 86م ) ، فلم يبق له أى أثر

.

استغرق بناء الجامع عامين فقط، وهي مدة قليلة مقارنة بالجهد المعماري المبذول فيه، وهو عبارة عن مربع، تبلغ مساحته ستة فدادين ونصف، يتوسطه صحن مكشوف تصل مساحته إلي فدانين، تحيط به من جوانبه الأربعة أروقة مسقوفة
.



تم تشييد الجامع بالطوب الأحمر وتغطيه طبقة سميكة من الملاط، تعلوها طبقة أخرى بيضاء من الجص بها زخارف جميلة محفورة. أما شرفات هذا الجامع فهي فريدة في طرازها، حيث تبدو وكأنها أفراد متراصين يمسكون بأيدي بعضهم البعض، في إشارة إلي أن المسلمين كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
وفي وسط صحن الجامع توجد فُسقية للوضوء تعلوها قبة جديدة أقلّ فنًا من القبة الأصلية التي كانت مقامةً على عشرة أعمدةٍ مرمريّةٍ، حيث لم تكن هذه الفسقية موجودة في البناء الأصلي للجامع وإنما كانت نافورة غير مخصصة للوضوء تعلوها قبة لكنها احترقت عام 986م.

 
 أما مئذنة الجامع فهى من طراز معماري فريد فى العمارة الاسلامية فى مصر، إذ تقع خارج الجامع، تم بنائها من الحجر الرّملي،  و تتألف من قاعدة مربعة تقوم عليها ساق أسطوانية يلتف حولها من الخارج سلم دائري لولبى عرضه 90 سم، ويعلو الساق الأسطوانية للمئذنة طابقان مثمنان تتوسطهما شرفة بارزة تحملها مقرنصات، وهذان الطابقان المثمنان من الطراز المعمارى الشائع في عصر المماليك ويبلغ ارتفاعها عن سطح الأرض نحو 40.44 متراً، وهي تماثل مئذنة جامع سامراء، المدينة التي ولد فيها أحمد بن طولون بالعراق.


وتربط المئذنة  بحائط المسجد الشمالي الغربي  قنطرة على  عقدين من نوع حدوة الفرس ، اما واجهة المسجد الخارجية  فهي مأخوذة من تصميم واجهة جامع عمرو بن العاص.


 
قصة بناء الجامع

باني جامع بن طولون هو حاكم مصر من قبل الخليفة العباسي أحمد بن طولون مؤسس أول دولة إسلامية في مصر تستقل عن الخلافة العباسية عام 868م.

ويوجد بالرواق الشرقي جزء من لوحة رخامية تضمنت اسم المنشئ وتاريخ إنشاء المسجد مكتوبة بالخط الكوفي

وحول تاريخ الجامع يقول المؤرخ الشهير المقريزي في كتابه "الخطط" : رأي أحمد بن طولون في منامه كأن الله تعالى قد تجلى ووقع نوره على المدينة التي حول الجامع (مدينة القطائع عاصمة الدولة الطولونية) إلا الجامع فانه لم يقع عليه من النور شئ فتألم بن طولون وقال: والله ما بنيته إلا لله خالصا ومن المال الحلال. فقال له أحد مفسري الأحلام : هذا الجامع يبقي ويخرب كل ما حوله لأن الله قال " فلما تجلي ربه للجبل جعله دكا" فكل شئ يقع عليه جلال الله عز وجل لا يثبت.



ويقص علينا المقريزي رؤيا أخري لابن طولون أنه لما فرغ من بنائه رأى في منامه كأن نارا نزلت من السماء فأخذت الجامع دون ما حوله، فلما أصبح قص رؤياه فقيل له : أبشر بقبول الجامع، لأن النار كانت في الزمان الماضي إذا قبل الله قربانا نزلت من السماء أخذته، مثلما قص علينا القرآن في قصة قابيل وهابيل.









اما مصمم الجامع فكان نصرانيا من أهل مصر هو سعيد بن كاتب الفرغانى ، وكان معمارى شهير و قدير بنى للأمير أحمد بن طولون عين ماء ، ثم حدث بعدها أن غضب عليه بن طولون وقذف به في "المطبق" وهو أحد السجون المرعبة الذى قيل أنه شهد وفاة أكثر من 18 ألف إنسان !! ، وحينما أراد ابن طولون بناء مسجده قدر له البنائيين 300 عمود ، وقيل له ما تجدها إلا بالاستيلاء علي أعمدة الكنائس في الأرياف والضياع الخراب. رفض بن طولون الفكرة وتعذب قلبه بالفكر في أمره، فبلغ سعيد بن كاتب الفرغانى الأمر فأرسل إلي بن طولون أنه يستطيع أن يبنيه كما يريد الأمير ، و هكذا خرج الفرغاني من السجن و بدأ بناء الجامع الذى خصص له بن طولون ميزانية تقدر بـ 100 ألف دينار.. وحينما فرغ الفرغانى من البناء عفي عنه بن طولون، وأمر له بعشرة آلاف دينار، وأجري عليه الرزق الواسع إلي أن مات.

و تقول رواية أخرى أن ابن طولون قال للمهندس القبطى (اريد مسجد إذا احترقت مصر بقى وإذا غرقت بقى)، و أريده أن يبنى بمال حلال .

و لهذا بنى المهندس الجامع بالطوب الأحمر القاتم حتى لا يحترق و بناه على ربوة عالية فى مكان كان يسمى جبل يشكر لحمايته من فيضان النيل، وهو مكان مشهور باجابة الدعاء، وقيل أن موسى عليه السلام ناجي ربه عليه بكلمات علي حسب ما يقول المقريزي في كتابه "الخطط" .

ويبدو أن أحمد بن طولون كان مخلصا فى بناءه لهذا الجامع لوجه الله ، فقد الله أراد أن يبقى هذا المسجد شاهدا على أهمية اخلاص النية فقد صمد فلم يغرق فى الفيضانات ، و يقال ان نقود ابن طولون نفذت أثناء بناء الجامع و لكنهم وجدوا كنزا من الأموال الكثيرة أثناء الحفر فأتموا بها بناء المسجد ، وفى أواخر عهد الدولة الطولونية فى مصر ضعفت مصر فأرسل الخليفة العباسى المكتفى بالله جيشا بقيادة محمد بن سليمان الكاتب فجاءإلى مصر وتقدم متجها إلى الفسطاطوأستولى عليها ثم أتجه إلى القطائع وأحرقها عام 292ه - 904م ودمرتها النار وحولتها إلى خرائب وأطلال، ولم يتبق منها سوى جامع أحمد بن طولون

والجدير بالذكر أن هذا المسجد كان يدرّس فيه علوم الطب والفلك والفقه، وعلوم اللغة العربية، جنبا الى جنب مع علوم الدين.